تزهو دمشق ببيوتها القديمة ويقال أن أريج ياسمينها يسامر النجوم في ليالي الصيف ولكن هذا الجزء من تاريخ المدينة يكابد الهموم اليوم.تلك الوردة البيضاء الصغيرة استطاعت أن تقاوم عوامل الزمن الذي استطاع أن يأتي على جزء كبير مما يحميها من جدران تلك البيوت الأثرية التي سجلت لدى اليونسكو وأصبحت جزءا من التراث العالمي. الزمن ترك المدينة وبيوتها تشكو نقص الموارد المالية اللازمة لترميمها الياسمين هو أحد أهم خصائص البيوت في الجزء الأثري من مدينة دمشق التي تغنى بها الشعراء العرب وبينما يعيش الياسمين على القليل من الماء يغطي الغبار الزخارف والتصميمات الهندسية التي تعود إلى عود عربية أموية أو مملوكية وعثمانية أو تصميمات أوروبية تم استقدامها لتزين بيوت دمشق التي كانت إحدى المدن التي احتضنت عاصمة الخلافة الإسلامية وتزخر دمشق القديمة بالقصص الفريدة حيث عاش في أحد بيوتها قادة ومشاهير مثل قائد الثورة الجزائرية الأمير عبد القادر الجزائري وجين ديبكي سلسلة النبلاء الإنكليز التي تزوجت شيخ قبيلة بدوي وأمضت بقية حياتها في دمشق القديمة وأدخلت إلى مجموعة الزهور التي تزرع فيها الزهرة التي يسميها الدمشقيون بالماغنوليا
ويقول رائد جبري أنه عمل بجهد على تحقيق حلمه بإحياء بيت جده الذي بني في العام 1737 وأقام فيه ملك العراق فيصل واجتمع فيه
مناهضو الانتداب الفرنسي القرن الماضي وقال جبري أن التكلفة التقديرية لبيت بحجم بيتهم الذي تقدر مساحته بحوالي 1200 متر مربع حوالي 30 مليون ليرة سورية (600 ألف دولار) ولكنه قرر أن يستثمر البيت كمقهى ومركز لعرض الأعمال الفنية والإنترنت والندوات
الثقافية لتغطية تكلفة ترميمه
وتبنى البيوت الدمشقية جميعها على نفس المبدأ حيث يقع الإيوان وهي غرفة للجلوس في الجهة الجنوبية والى جانبيه غرفتان تدعيان البراني وهو أقرب إلى الباب الخارجي لاستقبال الضيوف والجواني للجلوس والمنامة بالإضافة إلى ملاحق الدار. أما باحة الدار الداخلية فتتوسطها بركة ماء بينما تزين أشجار وأزهار أهمها الياسمين والوردة الشامية الحمراء الجدران المحيطة وتطل عليها شبابيك ومشربيات خشبية بزخارف متنوعة. وتبنى البيوت عامة من طابقين ولكن مساحاتها تتفاو
ت كثيراً من بيوت كبيرة ومتوسطة وأشبه بالقصور مثل قصر العظم ومكتب عنبر الذي يسمى الآن بقصر الثقافة وهما من ممتلكات الدولة السورية وهما مفتوحان للعامة. ومن الزخارف التي تزين الجدران ما يدعى بالأبلق والأملق وهي أحجار محفورة وفق خطوط هندسية مغطاة بطين ملون بينما يلبس السقف بما يسمى بالعجمي وهو خشب جوز نقع في الماء والكلس لمدة ثماني سنوات ونشف لمدة أربع سنوات قبل الشروع بزخرفته. وثمة أنماط أخرى للزخرفة كالأوروبي الذي يتمثل بحجارة الرخام تزينها رسومات دقيقة كأغصان الأشجار. وتضم دمشق القديمة حوالي 6000 منزل بالإضافة إلى الجوامع والكنائس والحمامات الأثرية
ويقول نعيم ضابطة المسؤول عن دائرة لجنة حماية دمشق القديمة أن جهود محافظة مدينة دمشق
تنصب الآن على الحفاظ على مدينة دمشق القديمة وتحسين البنى التحتية من المياه والكهرباء والهاتف وترميم الواجهات. وقال: "نحن نريد أن تعيش المدينة كما هي بأهلها وسكانها ومرافقها ولا نريدها أن تتحول إلى منطقة سياحية خاصة للمطاعم فقط. لا نريدها أن تبقى بدون حياة خلال النهار"